السلام عليكم ورحمة الله..
استفسار.. هل لا بد من موافقة الزوج على خلع زوجته له؟
وهل في موافقته أو عدمها تأثير على حكم الخلع؟
جزاكم الله خيرا.
السائلة الكريمة:
أصلح الله ما بينك وما بين زوجك، ورد عليكم السكينة والمودة مردًا جميلًا.
قبل أن نجيب على سؤالك، نذكرك ببعض الخطوات الهامة، خصوصًا أنا نلتمس في سؤالك لهجة ود والتماس لرأي الشرع.
فكما بدأنا الزواج بالاستخارة والاستشارة، نذكر بضرورة الائتناس بالعبادات المعينة لنا أوقات القرارت الصعبة، كأداء ركعتي استخارة، والإلحاح على الله في الدعاء بأن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيكِ به.
كما نذكرك بضرورة استنفاد جميع محاولات الإصلاح قبل أن تخالعي زوجك، وألا تظلميه، نعلم أن المرأة إذا اختارت الخلع يكون بعد يأس من الإصلاح، الذي نرجو أن تكوني قد بذلت فيه جهدًا مرضيًا؛ فالهدم ما أسهله!
تبنى البيوت على الصبر وبالصبر، فما استمر زواج إلا بكفاح من الطرفين لتقريب وجهات النظر، وتفهم طبائع الآخر، والسعي حثيثًا لمرضاة الله بإسعاد الطرف الآخر، فلنتأكد أولًا أيتها السائلة الكريمة أننا أدينا ما علينا ونسأل الله ما لنا.
كما نذكر بمحاولة اللجوء لمتخصص استشارات زوجية كمحاولة أخيرة للإصلاح، وبعد أن تكوني قد استنفدت كل السبل؛ نذكرك بحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (وَإِنَّ المُخْتَلِعَاتِ والمنتزعاتِ هُنَّ المُنافِقَاتُ، وما مِنِ امرأةٍ تَسْأَلُ زَوْجَها الطَّلاقَ من غَيْرِ بَأْسٍ؛ فَتَجِدُ رِيحَ الجنةِ، أوْ قال: رَائِحَةَ الجنةِ)، أي أن اللاتي يطلبن الخلع والطلاق من أزواجهن بغير عذر هن المنافقات نفاقًا عمليًا، أي أن الشرع حذر تحذيرًا شديدًا، وأكد على ضرورة وجود سبب!
يكفي في السبب أن تقول المرأة (كرهته)، فينفذ القاضي المخالعة، والله أعلم ببواطن الأمور،
نعم يجب موافقة الطرفين على الخلع، إذ أن المرأة فيه تكون باذلة للمال، كما أن الرجل هو مالك العصمة ولا يصح حمله على تركها بغير رضاه، وإذا لم يرض الزوج وثبت يقينًا لدى القاضي تضرر المرأة من هذه العلاقة يجوز له حينها أن يوقع الخلع على الزوج إذا ثبت لديه بالقرائن حاجة الزوجة له.
وطالما رفعت الزوجة أمرها للقاضي وبذلت من مالها في المخالعة، فلا شك أنها كرهت، فنستنكر على الزوج حينها الاستمساك بامرأة لا تحبه، ففي الاستمساك مناقضة لمقصود الشرع من الزواج، وهو المودة والرحمة والسكينة، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21). فلما لم يحدث مراد الشرع من الزواج، ولم يرض الزوج بالطلاق، شرع رب كريم رحيم ودود للزوجة مخرجًا فقال جل في علاه: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (البقرة: 229).
فإذا تضررت الزوجة من الزوج ولم تحصل على الطلاق جازت لها المخالعة، فالمخالعة فداء بعوض من المرأة للزوج، تملك بموجبه أمرها، ويعوض الله الطرفين خيرًا طالما بحثا على تقوى الله في السراء والضراء.
نوجز الإجابة عن سؤالك: “هل في موافقته أو عدمها تأثير على حكم الخلع؟”
نقول موافقته تيسر الخطوات وتنهي الأمر في سلام أكثر من عدم موافقته، وعدم موافقته تقتضي من القاضي التثبت، وإذا تثبت خالعك منه.
هداكِ الله لما فيه الخير أيتها السائلة الكريمة، ويسر لك جميع أمركِ.