اهتمت الشريعة الإسلامية بتوضيح آداب السؤال الذي لا يخلو حديث منه ولا حوار، باعتباره وسيلة تخاطب وتفاهم وتبادل للأفكار والمصالح، وذات أهمية كبيرة في طلب العلم، والتعارف بين الناس، بل إن حوارات الناس لا تتصور دون السؤال والجواب.
والسؤال واجب على من لا يعلم، وتركه فيما يجب قد يؤدي إلى نتائج خطيرة لا تُحمدُ عقباه، وهذا السؤال كما أنه مسؤولية فيمن يوجه إليه السؤال، وعلى المجيب أيضا، فإن له آدابا، يجب أن تُعرف وتراعى، مثلما كان يحرص عليها صحابة رسول الله ومن جاء بعدهم من التابعين والعلماء.
آداب السؤال في الإسلام
والناظر في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، يجد قدرًا كبيرًا من الاهتمام بالسؤال الذي يعد منهجًا رئيسًا للمعرفة والوصول إلى الحق، ومن آداب السؤال في الإسلام ما يلي:
- لا تسأل عمّا لا تحتاجه: قال أحمد بن حيان القطيع: دخلت على أبي عبد الله، فقلت: أتوضأ بماء النورة؟ فقال: ما أحب ذلك. فقلت: أتوضأ بماء الباقلاء؟ قال: ما أحب ذلك. قال: ثم قمت، فتعلق بثوبي، وقال: أيش تقول إذا دخلت المسجد؟ فسكت. فقال: أيش تقول: إذا خرجت من المسجد؟ فسكت. فقال: اذهب فتعلم هذا. قلت: يعني الإمام- رحمه الله- أنك تركت ما فيه سنة ثابتة ، وتحتاجه كل يوم مرارًا، وجئت تسأل عما قد لا تحتاجه أبدًا، وليس فيه أثر!
- لا تجعل السؤال يكشف عن جهلك: قال أبو نعيم في الحلية: حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن موسى الخياط- بالرملة- وعلي، عن الربيع: قال سمعت الشافعي يقول: ما نظر الناس إلى شيء هم دونه إلا بسطوا ألسنتهم فيه. قلت: صدق- رحمه الله- وهذا اليوم في الناس كثير.
- إرشاد السائل لما هو أولى: قال المروذي قال أبو عبد الله: “سألني رجل مرة عن يأجوج ومأجوج أمسلمون هم؟ فقلت له: أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا؟!”. وقال رجل للإمام عبد الرحمن بن مهدي: يا أبا سعيد لو قيل لك: أدخل الجنة بلا حساب، ولا يكون لك رياسة؟ أو قيل لك: يكون لك رياسة الدنيا وأمرك إلى الله أيهما أحب إليك؟ فقال له: بالله اسكت. ما أجمل الجواب!، وما أكثر الأسئلة التي تحتاج لمثله.
- لا تسأل العالم عن عمله: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والفقيه قد يفعل شيئًا على العادة، وإذا قيل له: هذا من الدين؟ لم يمكنه أن يقول ذلك، ولهذا قال بعض السلف: لا تنظر إلى عمل الفقيه، ولكن سله يصدقك.
- أكثر من سؤال أهل العلم: قال ابن حزم: “وسكنى حاضرة فيها العلم، ولقاء المتنازعين، وحضور المتناظرين فبهذا تلوح الحقائق، فليس من تكلم عن نفسه وما يعتقده، كمن تكلم عن غيره، ليست الثكلى كالنائحة المستأجرة، ومن لم يسمع إلا من عالم واحد أوشك أن لا يحصل على طائل، وكان كمن يشرب من بئر واحدة، ولعله اختار الملح المكدر، وقد ترك العذب، ومع اعتراك الأقران ومعارضتهم يلوح الباطل من الحق، ولا بد، فمن طلبه كما ذكرنا أوشك أن ينجح مطلبه، وأن لا ينفق سعيه، وأن يحصل في المدة اليسيرة على الفائدة العظيمة، ومن تعدى هذه الطريقة كثر تعبه، وقلت منفعته.
- أن يكون غرض السؤال شرعي صحيح: فلا يَقْصِدُ منه التَّعنُّتَ، وإِضاعَةَ الوقت، وأنْ يَتَبَيَّنَ به جَوانِبَ الموضوع ومُلابَساتِه؛ كما كانَتْ عائِشَةُ- رضي الله عنها- لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَّ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، فَلَمَّا سَمِعَت النبيَّ- صلى الله عليه وسلم- يقول: “مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ”. قَالَتْ: أَوَ لَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ- تَعَالَى-: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) [الانشقاق:8]. فَقَالَ: “إِنَّمَا ذَلِكَ العَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ يَهْلِكْ” (البخاري).
- لا بأسَ بِتَعَدُّدِ الأسئلة وتَنَوِّعِها: ويكون ذلك حَسَبَ الحاجةِ إليها، حتى يَتَّضِحَ الأمرُ جليًّا؛ كما في حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ- رضي الله عنه-، حِين أراد أبوه أنْ يَهَبَهُ شيئًا من مالِه، فأتى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم- فأخْبَرَه بما عَزَمَ عليه، فقال له النبيُّ- صلى الله عليه وسلم-: “يَا بَشِيرُ! أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟” قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: “أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟” قَالَ: لاَ! وفي روايةٍ: “أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمُ البِرَّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِنْ ذَا؟” قَالَ: بَلَى. قَالَ: “فَلاَ تُشْهِدْنِي إِذًا؛ فَإِنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ” (مسلم).
- اخْتِصارُ السُّؤالِ: وعَدَمُ ذِكْرِ تَفْصِيلاتٍ وجُزْئِيَّاتٍ لا داعِي لها، ولا تُؤَثِّر في المعنى، حتى لا يَضِيعَ الوقْتُ، ولا يُنْسَى أَصْلُ موضوعِ السُّؤال، وكذلك الاقْتِصارُ في الأسئلةِ على ما يَتَعَلَّقُ بالموضوع، وعَدَمُ الإكثارِ منها أو تَعَدُّدُها بما لا حاجَةَ فيها، أو تَكَرُّرُها عِدَّةَ مراتٍ، فكُلُّ ذلك يُنافِي أَدَبَ السُّؤال.
- تلقين أدب السؤال: فلا بأسَ- أحيانًا- أنْ يُلَقِّنَ السَّائِلَ أدب السُّؤالَ أثناءِ الردِّ عليه، خصوصًا إذا كان سَيِّئَ الأدَبِ، ولا يُحْسِنُ إلقاءَ السُّؤال؛ كما فَعَلَ موسى- عليه السلام- مع قَومِه، عندما أمَرَهُمْ بِذَبْحِ البقرةِ، فسَألُوه قائلين: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ) [البقرة: 68].
- لا يكون القصد من السؤال التعجيز: قال الحسن البصري- رحمه الله-: إن شرار عباد الله الذين يجيئون بشرار المسائل يفتنون بها عباد الله.
- مراعاة المناسبة: وذلك يعني أن الإنسان بشر حتى لو كان مفتيا أو عالما جليلا أو شيخا فاضلا نبيلا فإنه يبقى بشرا، وكونه بشراً يعني أنه يعرض له الغضب والرضا، والحزن والسرور، والصحة والمرض، والنوم واليقظة، ويكون في حاجة أهله، وهو ما كان عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري عندما سئلت عنه عائشة- رضي الله عنها- قالت: “كان يكون في مهنة أهله، فإذا أذن المؤذن خرج إلى الصلاة” ولذلك وضع الشارع حدودا وآدابا للدخول والخروج، والاستئذان والمحادثة، وغير ذلك.
- جمال العبارة والأسلوب: فنحن نجد الأعرابي الذي جاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو ضمام بن ثعلبة فقال: يابن عبد المطلب، قال: قد أجبتك، نعم، قال: “إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد علي في نفسك” وهذا تمهيد لما سيقوله.
- إيضاح السؤال: وتجنب الإبهام لأن فتوى العالم هي كالقضاء لا تحرم حلالا، ولا تحل حراما؛ فلو فرضنا أنك تخاصمت مع شخص على أرض، وكنتما أمام القاضي، وكنت أنت ألحن بحجتك وأبلغ في الكلام، فغلبته بالحجة وحكم لك القاضي، والواقع أن الأرض لخصمك، فحكم القاضي لا يجعل الأرض لك عند الله تعالى؛ ولذلك تعاقب يوم القيامة عليها وتحاسب، وفي صحيح البخاري “من ظلم شبرا من الأرض طوق به يوم القيامة من سبع أراضين”.
- السؤال للنفس لا للغير: فكثير من الأسئلة يكون فيها سائل يقول: أحد الأقارب أوصاني يسأل عن كذا وكذا أو يقول لو حصل لفلان، وكذا وأوصاني لأسأل له، فلِمَ هو لا يسأل؟ لأن المفتي أو العالم لا بدّ من أن يستفسر وأن يسأل ما الذي حصل؟، فإذا كان السائل غير من حصلت له المسألة فإنه لا يكون ذلك معينا على الجواب إلاّ إنْ كان السّؤال مختصرا وكان المانع من سؤال السائل هيبة العالم أو الاستحياء كما فعل علي- رضي الله عنه- حيث كان رجلا مذاء يعني (كثير المذي) فاستحيا أن يسأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته فاطمة- رضي الله عنها- زوج علي.
- تسجيل الجواب بإذن: فمن الآداب المرعية في السائل أنه إذا سأل أهل العلم في الهاتف أو في غير الهاتف فلا يسجل الجواب مكتوبا أو على جهاز التسجيل إلا بإذن العالم، لأنه يجيب على قدر الاستفتاء ولو أخبر العالم أنّ هذا يسجل وأن الجواب يسمعه آخرون لكان جوابه غير الجواب الأول.
- التأكد من فهم الإجابة على السؤال: لأنّ بعض أهل العلم قد يكون جوابه سريعا مثلا، فهنا ينبغي أن لا نأخذ ما علق بالذهن في هذه الحال بل إذا كان عندنا اشتباه نستفسر ونتحقق حتى نفهم، فقد روى البخاري عن ابن أبي مليكة أنه قال: “كانت عائشة- رضي الله عنها- لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه”.
نماذج تربوية عن آداب السؤال
وفي القرآن الكريم والسنة النبوية نماذج عديدة تكشف عن تطبيق آداب السؤال في الأحاديث والحوارات المختلفة، ومنها:
- قال تعالى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: 39]. قال يوسف- عليه السلام- للفتيين اللذين معه في السجن: أعبادةُ آلهةٍ مخلوقة شتى خير أم عبادة الله الواحد القهار؟، وهنا استخدم الإقناع بالمقابلة بين أمرين (بين الحق والباطل)، وأنه يقابلهما في سؤاله بين شيئين، ويوازن متضادين، فالأشياء تتميز بأضدادها، وتعرف الأمور بنظائرها.
- وقال سبحانه على لسان يعقوب، ﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ ﴾ [يوسف: 64]. هنا يعقوب- عليه السلام- استخدم مع بنيه صيغة السؤال؛ لتصحيح أو تأكيد معلومات لديهم، كما خاطبهم باستفهام التقرير على ما بدر منهم مع يوسف- عليه السلام-، وهذا من حسن البيان عند الطرح والمحاورة.
- قال تعالى: ﴿قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ [يوسف: 89]، فهنا خاطبهم باستفهام التقرير، وتأدب مع إخوته في الخطاب، وكان مراد يوسف- عليه السلام- من ذلك التمهيد، تعريفهم بنفسه؛ إذْ آنَ له أن يُصارحهم بما فعلوه، وكذلك أراد أن يدعوهم إلى التوبة من فعلتهم هذه، فكان كلامه شفقةً عليهم، ونصحًا لهم في الدين، لا معاتبةً وتثريبًا، ولهذا أحسن السؤال معهم.
- وقال- جل وعلا-: ﴿فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 96]. ففي هذه الآية يلاحظ أنه لما جاء البشير إلى يعقوب- عليه السلام-، وطرح قميص يوسف- عليه السلام- على وجهه، فعاد يعقوب مبصرًا، قال لِمَن عنده: ألم أخبركم أني أعلم من الله ما لا تعلمون من فضل الله ورحمته وكرمه؟ فلم يصرح بالجواب ولهذا ﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ﴾ [يوسف: 95]، فمن أدبه الرفيع طرح السؤال الذي يستدرج الطرف الآخر للإجابة بنعم أو بكلمة بلى؛ لأن إخوة يوسف- عليه السلام- يعلمون الحقيقة، فهنا هم في وضع الاضطرار معه إلى إعطاء الموافقة والتأكيد على الإجابة بـ”بلى”.
- وقال- عز وجل-: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 36]. وهذا من الأمثلة والشواهد على أدب اختصار السؤال، وتجنب ذكر التفصيلات، حتى لا يضيع الوقت.
- وقال تعالى- في سؤال الساقي عن رؤيا الملك: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 46].
- وعلم النبي- صلى الله عليه وسلم- صحابته الكرام أدب السؤال، فها هو عمر لمّا سمع تميما الداري يقول في مجلس: “اتقوا زلة العالم” كره أن يقاطعه فيسأله ما زلة العالم؟ واضطر عمر للقيام، فوكل ابن عباس ليسأله، فقال: إذا فرغ، أي بعد درسه فاسأله: ما زلة العالم، ثم قام عمر فجلس ابن عباس فغفل غفلة، ففرغ تميم وقام يصلي، وكان يطيل الصلاة، فقال ابن عباس: لو رجعت فقلت- أي نمت القيلولة- ثم أتيتك، فرجع وطال على عمر، فأتى ابن عباس فقال: ما صنعت؟ فاعتذر إليه، فقال: انطلق، وأخذ بيده حتى أتى تميما الداري فقال له: ما زلة العالم؟ قال: العالم يزل بالناس فيؤخذ به، فعسى أن يتوب منه والناس يأخذون به، أي: أن هذا قد يخطئ وينتشر خطؤه بين الناس، ثم يتوب إلى الله من التساهل أو الخطأ الذي أخطأه والناس لا يزالون يأخذون بالخطأ، فهذه خطورة زلة العالم.
- وفي السؤال عن العمل المُقتضي لمحبة الله ولمحبة الناس، قال سهل بن سعد الساعدي- رضي الله عنه-: جاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته أحبَّني الله، وأحبَّني الناس، فقال: “ازهد في الدنيا يحبَّكَ اللهُ، وازهد فيما في أيدي الناس يحبَّكَ الناسُ” (ابن ماجه).
- والصحابة- رضي الله عنهم- كانت همَّتُهم عالية، ومطالبهم عالية، فكانوا يسألون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الأعمال التي تُدخِلهم الجنة، وتُباعِدهم من النار، بأدب وباختصار ووضوح، فعن معاذ- رضي الله عنه-، قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يُدخِلني الجنة، ويُباعِدني عن النار، قال: “لقد سألت عن عظيم، وإنَّه ليسيرٌ على مَنْ يَسَّرَه الله عليه، تعبُد الله لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتقيمُ الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصُومُ، وتحجُّ البيت” (الترمذي وأحمد).
- وعن أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه- قال: أتيتُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقلتُ: مُرْني بعملٍ يُدخِلني الجنة، قال: “عليك بالصيام، فإنه لا عدل له”، ثم أتيتُه الثانية، فقال: “عليك بالصيام” (رواه أحمد).
- وعن جابر بن عبدالله- رضي الله عنه- قال: أن رجلًا سأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقال: أرأيتَ إذا صلَّيْتُ المكتُوبات وصُمْتُ رمضانَ، وأحلَلْتُ الحلالَ، وحرَّمْتُ الحرامَ، ولم أزِدْ على ذلك شيئًا، أأدخُلُ الجنة؟ قال: “نعم” (مسلم).
- وقال ابن مسعود- رضي الله عنه-: سألتُ النبي- صلى الله عليه وسلم-: أيُّ العمل أحَبُّ إلى الله؟ قال: “الصلاةُ على وَقْتِها”، قلت: ثم أي؟ قال: “بِرُّ الوالدين“، قُلْتُ: ثم أي؟ قال: “الجهاد في سبيل الله” (متفق عليه) وهذا دليل على جواز تعدد السؤال للإفادة.
- وفي السؤال عن خير خصال الإسلام، قال أبو موسى- رضي الله عنه-: قالوا: يا رسول الله، أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: “من سلم المسلمون من لسانه ويده” (متفق عليه).
- وروى البخاري عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: “كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسألونه عن المسألة، فيرجعون فيها إلى آخرهم حتى ترجع إلى الأول”.
- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: “كنا إذا سألنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن شيء لم نتعجل حتى ننظر ما يجيء به، فإن كان خيرا قبلناه، وإن كان غير ذلك اجتهدنا فيه” (مسلم).
- وروى الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “تعلموا العلم، وتعلموا معه أدب العلم، ولا تكونوا جفاة، ولا تكونوا سلاطة، ولا تكونوا حشوة، ولا تكونوا فتنة، ولا تكونوا عالة على الناس”.
لقد وضعت الشريعة الإسلامية أسس آداب السؤال وأبرزها والوضوح في الطرح، والصبر وعدم المقاطعة، وتجنب الغموض والالتباس، واستخدام لغة بسيطة ومفهومة، والتواضع والاحترام، وتجنب استخدام لغة عدوانية أو استفزازية، وأباحت تكرار السؤال للبيان والفهم، وفي الوقت نفسه حذرت من السؤال في الأوقات غير المناسبة، وهذه الآداب وغيرها الكثير التزم بها صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم من الأئمة والعلماء.
مصادر ومراجع:
- ابن سعد: الطبقات 1/87.
- أبو نعيم: الحلية 9/117.
- العجلي: معرفة الثقات، ص 201.
- ابن تيمية: الاستغاثة في الرد على البكري، ص 335.
- ابن حزم: مراتب العلوم 4/77.
- محمد بن محمود فجال: الأسرار البلاغية للحذف في سورة يوسف ص 45، 46.
- الدكتور بدر عبد الحميد هميسه: من أدب السؤال.
- إسلام أون لاين: فلسفة السؤال في القرآن.
- سلمان العودة: أدب السؤال.
- صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: أدب السؤال.
- السيد عادل العلوي: آداب السؤال للمتعلم.